[rtl]الإصلاح التربوي..خارطة طريق أم خارطتان ؟[/rtl][rtl] عبد الحق لحاج خليفة [/rtl] ينتظر في غضون الأسابيع القادمة أن يعلن المجلس الأعلى للتربية والتكوين عن خارطة الطريق التي يعمل على إعدادها من أجل إعادة هيكلة المنظومة التربوية في أفق تأهيلها للاستجابة لحاجات وانتظارات المعلمين والمتعلمين . و بالنظر لحجم هذه الحاجات التي ينتظر من المجلس أن يقترح الحلول الأكثر ملائمة لها على المستويات الأربعة التي سبق تحديدها من طرف رئاسة المجلس، وبالنظر لتعقد وتشعب القضايا التي ينتظر اقتراح خارطة طريق حولها والمعيقات الذاتية والموضوعية التي تنتصب أمام إمكانية التفعيل للقرارات والاقتراحات وكما أكدته التجارب السابقة، ودرءا لما يمكن أن يعترض البدائل المقترحة، وتجنيبها السقوط أو التورط في إعادة إنتاج التجارب الإصلاحية السابقة وما رافقها ن فشل متكرر أفضى إلى تعميق أزمة الثقة بين صناع القرار وبين الممارسين الميدانيين، ومن أجل صياغة خارطة عملية تحمل في جوفها إمكانية فتح باب الأمل في بداية تدبير و مواجهة الاختلالات المتفاقمة خلال العقود الماضية.. ينبغي التأكيد على ما يلي: بعد هذا الجهد الكبير الذي تم بذله من طرف المجلس في تجميع المعطيات الكافية بخصوص تشخيص واقع الحال، آخرها الاستشارات الجهوية التي تم خلالها الاستماع للمعنيين في كل المواقع، وبعد اقتناع الجميع داخل المجلس بالضرورة الاستعجالية لاتخاذ إجراءات عملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بخصوص ما يعانيه المتعلمون جراء غياب الإرادة الحقيقية في التعامل الجاد مع المعضلات التي يقر الجميع بخطورتها دون تحمل المسؤولية في مباشرتها لتطويق تداعياتها على الأقل، قد يكون من المجازفة الكبيرة إعداد خارطة طريق جديدة على النحو لذي ورد في العديد من التقارير والمخططات السابقة وعلى الرغم من طابعها العملي المعزز بالأرقام وتواريخ الإنجاز ومدد البرامج وأشكال التدخل التي تم تحديد تواريخ الشروع فيها ونهاية العمل بها، وجني الحصيلة التي تم الرهان عليها، والتي تبدو في بعدها النظري مقبولة وقادرة على أن تدبر ما يمكن تدبيره من المشكلات التربوية المختلفة وما أكثرها، إلا أنها مخططات لم يكتب لها النجاح في تحقيق رهاناتها بالنظر لما واجهته من عوائق ذاتية وموضوعية إن على مستوى واقع الحكامة ومستوى الأداء والتدبيرمركزيا وجهويا ومحليا، أو على مستوى حجم الفاتورة التي لم تستطع الحكومات المتعاقبة الوفاء بها، أو على مستوى غياب الاستعداد لدى المكونات التي تم الرهان عليها في تحمل فاتورة الإصلاح وما يعانيه المحيط من أعطاب تحول دون تمكنه من المساهمة في إنجاح تلكم البرامج والمخططات. فإذا كانت "أهمية الدورة الأخيرة للمجلس تكمن في كونها تنعقد في سياق تطور دينامية اشتغال المجلس وفق وثيرتين متوازيتين و متكاملتين تتعلقان بإرساء الهياكل والأنظمة الضرورية لحسن سيره بالحرص دون انتظار على القيام بمهامه في الاستجابة للانتظارات الملحة المطالبة بإصلاح المنظومة الوطنية للتربية ولتكوين والبحث العلمي وفي احترام الأفق الزمني المحدد"، حسب تصريح رئيس المجلس، وإذا كان "الحرص على سير إعداد التقرير الاستراتيجي للمجلس يشكل أهم النقط المدرجة في جدول أعمال الدورة الأخيرة وأن اللجن الدائمة ستقدم تقاريرها الموضوعاتية مع نهاية شهر يناير 2015 في أفق إعداد التقرير الشامل الذي سيضمنه المجلس رؤيته لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي"، حسب ما ورد في نفس التصريح، فإن المعيار الحاسم بخصوص أهمية وقيمة ما سيصدر عن المجلس، هو مدى قدرته على صياغة تقارير عملية قابلة للتفعيل والأجرأة والسهر على عمليات إصدار المذكرات والمراسيم المنظمة لهذه الإجراءات و عدم السقوط في إعادة إنتاج نفس الحلقة المفرغة التي أفضت إلى واقع الإحباط وخيبة الأمل وبالتالي فقدان الثقة في جدوى أي محاولة جديدة قد تقول كل شيء ولكنها لن تقدم أجوبة بخصوص كيف يمكن أجرأة هذه التقارير معللة ذلك شأن سابقاتها بأن أسئلة التطبيق والأجرأة وتوفير الفاتورة المادية هي شأن حكومي ومهمة الوزارة المعنية، الأمر الذي سيسهل على كل جهة التهرب مجددا من مواجهة المعضلات إما لعدم الاختصاص أو لتعذر توفير الكلفة الباهظة. إن الفشل المتكرر لكل المحاولات السابقة سواء تعلق الأمر بما ورد ضمن وثيقة الميثاق الوطني أو تقرير المجلس الأعلى للتربية والتعليم في صيغته السابقة أو ببرنامج المخطط الاستعجالي والتي صدرت على التوالي خلال سنوات 2000 و2008 و2009، أفضى إلى ترسيخ قناعة لدى الممارسين الميدانيين وهي أن منهجية الإلغاء والتجاوز والبدء من جديد أصبحت طبيعة راسخة مميزة للعقل الإصلاحي التربوي، وبالتالي صعوبة تعليق أي أمل بخصوص ما سيسفر عنه المجلس من خارطة طريق لا تختلف الشروط والظروف التي تحكمت في إنجازها عن الشروط التي كانت وراء المحاولات السابقة. فما العمل؟ إن الجواب على هذا السؤال يقتضي أن يكون للمجلس الأعلى ما يكفي من الشجاعة والصراحة للإجابة على الإشكال التالي: هل الاستجابة للانتظارات الملحة ستأخذ بعين الاعتبار هذه العوائق المتمثلة في غياب التفاعل والانخراط جراء فشل المحاولات الإصلاحية المتكررة، أم أنها مجرد استجابة لاتخرج عن منهجية العقل الإصلاحي وعاداته التي ألفها وهي المحاولة والخطأ فالاعتراف بالخطأ فالمحاولة مجددا، وهو ما سيعمق مجددا واقع الإحباط من خلال خارطة طريق تقول كل شيء ولا تقدم أجوبة عملية عن كيفية سيرها بأمان إلى غاية وصولها إلى الهدف المنشود وهم المتعلمون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما لحقهم خلال العقود الأخيرة عامة وبصفة خاصة ضمن ما سمي بسنوات الإصلاح وخلال ما يناهز عقدا ونصف من الزمان . إن درء المخاطر قبل وقوعها يقتضي أن يشتغل المجلس على إعداد خارطتين اثنتين عوض واحدة: الخارطة الأولى يمكن الحرص ضمنها على الاستجابة للانتظارات الكبرى ذات المدى المتوسط أو البعيد أو ما يسمى بلغة المجلس الأعلى بالتقرير الاستراتيجي الذي يمكن أن يقدم إجابات على الأسئلة المعقدة بخصوص معضلات الخصاص في البنيات والتجهيزات والموارد البشرية وقضايا البرامج والمناهج الأكثر ملائمة، ومعضلة عدم تكافؤ الفرص بين القرية والمدينة - التعليم الأولي نموذجا -، ومعضلة التأليف المدرسي ومدى صلاحية التنافس التجاري في الميدان التربوي، وقضية تدريس اللغات ولغة التدريس...وكلها قضايا لا تحتاج إلى الكلفة المادية الباهظة فقط بل تحتاج قبل ذلك إلى التفكيرالجاد والمسؤول قبل اتخاذ أي خطوة تحت ضغط هذه الجهة أو تلك. وهو ما يمكن أن يعتمد فيه على الانفتاح الحواري المزدوج على التجارب والنظريات والبحث ضمنها على الأجوبة الملائمة لما يطرحه واقعنا من تساؤلات من جهة، ثم الانفتاح على تجربتنا الذاتية لمدرستنا العمومية أيام توهجها وتألقها قبل أن يصيبها ما أصلبها اليوم من أدواء يقر الجميع بخطورتها ليس على المتعلمين فقط وإنما على المجتمع برمته. الخارطة الثانية وهي الأكثر إلحاحا ، ويتعلق الأمر بالإجراءات العملية الاستعجالية التي يتعين اتخاذها بشكل فوري لأنها لا تحتاج إلى أية كلفة مادية، بل تحتاج فقط إلى الوعي بضرورة إنصاف المتعلمين من مجموعة قرارات تم اتخاذها إما عن طريق الشطط والاستفراد أو سوء التدبير أو أعطاب الحكامة والتي عبرت التدخلات المختلفة خلال الاستشارات الجهوية السابقة عن جزء كبير منها، من قبيل مكونات معدل النجاح في الامتحانات الإشهادية ، ومن قبيل واقع نقط المراقبة المستمرة مع بروز المقاولة التربوية كجهة مانحة لشهادة الباكالوريا، و من قبيل المعاملات في الامتحان الجهوي- معامل اللغة الفرنسية وسلم التنقيط المجحف، وما يترتب على ذلك من حصيلة كارثية في هذه الامتحانات التي تشتعل نار أسعار حصص الدعم في المواد المقررة ضمنها والتفرغ الكلي للمتعلمين لها على حساب المواد الأساسية في الشعب العلمية، ومن قبيل الاختلالات في العلاقة بين المدرسة الخصوصية والعمومية وما تشهده هذه العلاقة من تبادل لا متكافئ على حساب متعلمي المدرسة العمومية، و من قبيل الاختلالات بين مجالس المؤسسة التربوية وغياب الوضوح بخصوص الصلاحيات – مجلس التدبير والمهام الموكولة إليه نموذجا- غياب الوضوح بخصوص علاقة جميعة الآباء والأمهات وألأولياء بالإدارة التربوية وببقية المجالس وأختزال أدوارها في الترميم والإصلاح للمرافق والقاعات ...وغير ذلك كثير مما يمكن تسميته بأشكال التدخل الممكنة التي تشكل بالنسبة للمتعلمين الهاجس الأكبر من كل تقرير استراتيجي ليس هناك ما يشجع على الاعتقاد في إمكانية أجرأته على أرض الواقع بالنظر لصعوبة عزل المنظومة التربوية عن الشروط العامة التي تحكمها ضمن المجتمع، إذ ليست المدرسة إلا نموذجا مصغرا للمجتمع الذي تتواجد فيه. فهل هناك من أمل في إمكانية صياغة خارطة طريق عملية منصفة قابلة للإنجاز، تأخذ على عاتقها التصدي للاختلالات الكيفية التي لاتحتاج إلى أية ميزانية مالية، بقدرما تحتاج إلى الوعي بأهمية تخليق الممارسة التربوية كأولوية أساسية؟. وبدون ذلك ألا يمكن القول أن التقرير الاستراتيجي لن يكون وبكل أسف إلا تكرارا لما قيل؟. |
بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
أبريل 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 |
الإصلاح التربوي..خارطة طريق أم خارطتان ؟
Mohammed TAMESNA- Admin
- عدد المساهمات : 701
تاريخ التسجيل : 23/11/2013
- مساهمة رقم 1
الجمعة يوليو 07, 2017 2:06 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» مفارقات غريبة وعجيبة في قطاع التعليم بالمغرب
الأربعاء يوليو 05, 2017 4:36 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» نقط سوداء في مدارس المغرب .. أقسام محشورة وأوقات مهدورة
الإثنين يوليو 03, 2017 3:12 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» الذلّقراطية والقابلية للإستحمار
الجمعة يونيو 30, 2017 1:00 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» بلاغ النقابة الوطنية للتعليم CDT حول الحركة الانتقالية الوطنية
الخميس يونيو 29, 2017 5:23 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» ما معنى اقتطاع agios ؟
الخميس يونيو 29, 2017 1:35 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» مجلس جطو يُعَري المدرسة العمومية .. اكتظاظ وأساتذة "سلايْتيّة"
الخميس يونيو 22, 2017 2:59 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» حصاد: توقيع محاضر الخروج لهذا الموسم يوم 28 يوليوز المقبل
السبت يونيو 17, 2017 5:46 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» أخطر ما تنوي وزارة التعليم القيام به في المستقبل المتوسط: هام جدا
الأحد يونيو 11, 2017 3:22 pm من طرف Mohammed TAMESNA