الذلّقراطية والقابلية للإستحمار
يوسف اتباتو
نعم هي كلمات ثلاث جمعها المنحدر التاريخي الذي نعيشه لتُشكِّل إحدى توصيفات المرحلة. كلمات كانت بمثابة زفرات أطلقتها هامات فكرية أهَمَّها وأغمَّها ما دهانا شعوباً وأنظمة وأمَّة إن كان ثمة أمَّة.
فأما لفظ "الذلقراطية" فهو إحدى آهات المفكر الحر المهدي المنجرة صاحب كتاب ''انتفاضات في زمن الذلقراطية" وكتاب ''الإهانة في زمن الميغا إمبريالية''. نوجز في تعريف هذا المصطلح فنقول إن الأمر يتعلق بنظام حكم للشعب وتَحكُّم فيه يعكس مقدار الإهانة التي يتلقاها الحاكم نفسه من قبل الاستكبار العالمي. بعبارة أبسط تهين أمريكا الحاكم فيذل الحاكم شعبه.
أما "القابلية" فتومئ إلى الهرم الجزائري مالك بن نبي. ففي كتابه "شروط النهضة" لم يكتف بن نبي بإلقاء اللوم على "المعامل الاستعماري"، وإنما جعل "معامل القابلية للاستعمار" جزءً أساسيا من معادلة الانحطاط. نظرية القابلية للاستعمار مفادها أنهم استعمرونا ليس لِقوَّتهم فحسب ولكن أيضا لأن لدينا استعدادا نفسيا وفكريا وأحيانا دينيا لاحتضان المستعمر الذي يمكن أن نقيس عليه المستبد. نتحدث إذن عن شرط ذاتي يوظِّفه الآخر لاستغلال البلاد والعباد.
وأمّا المصطلح الثالث فهو "الإستحمار"؛ كلمة تحيلنا إلى كُتيِّب طريف للدكتور علي شريعتي بعنوان ''النباهة والإستحمار''. ويُعرِّف شريعتي الإستحمار بكونه تحريف للنباهة وتزييف للوعي وتشتيت للانتباه حتى يتسنى للمستغل/المستعمر/المستبد/المستعبد تسخير الناس كما تُسخَّر الحمير. ويقسِّم شريعتي الإستحمار إلى مباشر عبر التجهيل، وهو ما سماه المهدي المنجرة بالجهلقراطية، وغير مباشر عبر إلهاء الأذهان بالحقوق الجزئية البسيطة اللافورية لتنشغل عن المطالبة بالحقوق الأساسية والفورية.
يستحيل على المرء أن يصب البحر في الكوب، فما بالك بثلاثة أبحر، حسبي هاهنا اختصار مُخِل وعنوان كثيف جداً كما ثقب أسود تتشظّى في تجاويفه معاني الكرامة والمواطنة وأحياناً الإنسانية.
من جهة أخرى، حُق عليّ الاعتراف بأن من استنفر أناملي لكتابة هذه الكلمات هم ثلاثة مواطنين لإحدى الدول الشقيقة التي تُمنع فيها المرأة من السياقة وتُكفَرُ فيها الديمقراطية. أما الأول فيُطلُّ علينا بلباس الإحرام ويدعو الرئيس الأمريكي ترامب إلى الإسلام ثمّ يبشرنا بأنه يهديه العمرة التي قام بها. وأمّا الثاني فهو بصدد بناء مسجد أطلق عليه اسم إيفانكا بنت ترامب. ثالثة الأثافي رجل يطلب من ولي أمره أن يتوسط له من أجل الزواج بإيفانكا. يجدر التنويه أن الثلاثة بادية عليهم أمارات الجدّية وقدموا أنفسهم بأسماء يعتقد أنها حقيقية.
ذَكَّرتني هذه المقاطع بأخرى لمواطنين مغاربة يظهر في إحداها أحد الجَمعويِّين الرياضيين وهو يروِّج لدستور 2011 وكانت أقوى حُجَجه أنه بفضل الدستور الجديد سوف تحل كل مشاكل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ومشاكل كل العُصب التابعة لها. المقطع الآخر الذي قفز إلى ذاكرتي والذي أخال أن جل المغاربة سيجدون صعوبة في نسيانه، فيعود إلى ذلك الشاب المسكين الذي خرج في تظاهرة يطالب فيها عبد الإله بنكيران بأن يخرج من الصحراء المغربية.
نعود فنقول إن ما يكرس ويطيل عمر الذلقراطية التي نُحكم بها هو فعلاً قابليتنا للإستحمار.
الجمعة يوليو 07, 2017 2:06 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» مفارقات غريبة وعجيبة في قطاع التعليم بالمغرب
الأربعاء يوليو 05, 2017 4:36 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» نقط سوداء في مدارس المغرب .. أقسام محشورة وأوقات مهدورة
الإثنين يوليو 03, 2017 3:12 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» الذلّقراطية والقابلية للإستحمار
الجمعة يونيو 30, 2017 1:00 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» بلاغ النقابة الوطنية للتعليم CDT حول الحركة الانتقالية الوطنية
الخميس يونيو 29, 2017 5:23 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» ما معنى اقتطاع agios ؟
الخميس يونيو 29, 2017 1:35 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» مجلس جطو يُعَري المدرسة العمومية .. اكتظاظ وأساتذة "سلايْتيّة"
الخميس يونيو 22, 2017 2:59 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» حصاد: توقيع محاضر الخروج لهذا الموسم يوم 28 يوليوز المقبل
السبت يونيو 17, 2017 5:46 pm من طرف Mohammed TAMESNA
» أخطر ما تنوي وزارة التعليم القيام به في المستقبل المتوسط: هام جدا
الأحد يونيو 11, 2017 3:22 pm من طرف Mohammed TAMESNA