أساتذة "البّام" ينتقدون تحويل التعليم المغربي إلى حقل تجارب

أساتذة "البّام" ينتقدون تحويل التعليم المغربي إلى حقل تجارب

 (صورة محمد حكمون)

أجمع متدخلون من رجال ونساء التعليم على انتقاد الإصلاحات التي شهدها قطاع التعليم، وجعلت منه حقلا للتجارب مما انعكس سلبا على أجيال من المتعلمين، داعين إلى القطع مع الحل التوافقي لإصلاح منظومة التعليم، وإشراك أهل الاختصاص والرأي عبر شراكة حقيقية.
وتطرق المشتغلون في قطاع التعليم، من خلال المنتدى الوطني للتعليم الذي شرع حزب الأصالة والمعاصرة في تأسيسه، وانطلقت أشغاله في مؤتمر جهوي يوم الأحد بطنجة، إلى الأزمة التي يعرفها النظام التعليمي بالمغرب، مطالبين بإعادة الاعتبار لصورة المُدرس.
وحضر المؤتمر الجهوي للمنتدى عدد من أساتذة التعليم من الأقاليم السبعة المشكلة لجهة الشمال حسب التقسيم الجهوي للحزب، كما حضر عزيز بنعزوز ومحمد معزوز، عضوا المكتب السياسي، وفؤاد العماري عمدة المدينة، بالإضافة إلى الأمناء الجهويين والمسؤولين المحليين لحزب "البام".
ضرورة القطع مع الحل التوافقي لإصلاح التعليم
وقدم محمد معزوز مداخلة تطرق من خلالها إلى الأزمة التي يعرفها النظام التعليمي بالمغرب، حيث دعا إلى القطع مع الحل التوافقي لإصلاح منظومة التعليم، وإشراك أهل الاختصاص والرأي عبر شراكة حقيقية، لأن الحل التوافقي لم يعط أية نتيجة" وفق تعبيره.
وأردف معزوز بأن هذا الحل التوافقي ساهم في "اغتيال" كل آفاق التغيير والإصلاح الحقيقي حينما يتم إقحام الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، وتغليب المصلحة الشخصية والميولات الإيديولوجية على حساب الإصلاح الحقيقي الذي ينبغي أن ينهض به رجل الاختصاص من أجل تأسيس مجتمع للمعرفة.
واعتبر أستاذ الأنثربووجيا السياسية أن المدخل لمجتمع المعرفة لا يمكن أن يؤسس إلا عن طريق المنظومة التعليمية عبر عنصرين رئيسيين، وأولهما إعادة الاعتبار للعقل المنظم في الكتاب المدرسي، وهنا استحضر المتحدث مسألة التضييق على الدرس الفلسفي في الثمانينات وحل محله الفكر الإسلامي، ثم القضاء على السوسيولوجيا من لدن التكنوقراط، ومن ثمة الإجهاز على معالم العقلانية وضربها في العمق.
وثانيا، إعادة الاعتبار للمدرس، لأن المخزن، حسب المتدخل، حاول أن يسئ إلى صورة المدرس لا سيما مع إضرابات أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، حيث أصبح الناس يتندرون بالمدرس، كما أن المدرس ساهم في تكريس هذه الصورة عبر عدد من الانشقاقات التي مست الجسم النقابي، بعدما كان المدرس في الماضي يتصدر الإعلام والسياسة والمطالبة بالحقوق ويبلور الأفكار الكبرى.
وأشار معزوز إلى تصور حزبه للخروج من هذه الوضعية، حيث قال: " لا يمكن الحديث الآن عن أي إصلاح دون تنزيل الجهوية في المغرب والتزام الدستور بتنزيلها، لأن الجهوية ستأخذ بعين الاعتبار التمايزات الاثنية والثقافية ويصبح التعليم شأنا جهويا، والميثاق الوطني للتربية والتكوين تحدث عن دور الجهات في تنظيم 30% غير أن الحديث على هذه النقطة لم تتم أجرأته إلى حدود الآن".
إخفاقات متوالية في إصلاح منظومة التعليم
وقدمت ورقة المنتدى قراءة في المشاريع الإصلاحية التي شهدها المغرب منذ الاستقلال، حيث خلصت الورقة إلى بعض الاستنتاجات حول منظومة التعليم بالمغرب، فمنذ 1955 وإلى 2013 شهد جهاز تدبير الشأن التربوي 44 وزيرا.
واهتم هذا الجهاز في مساره التاريخي بعدة قطاعات منها التعليم العالي والتكوين المهني، والبحث وتكوين الأطر، ومحو الأمية والتربية غير النظامية، والشبيبة والرياضة والثقافة والفنون الجميلة، الشيء الذي أدى إلى عدم الاستقرار في الخيرات الإستراتيجية، وغياب الشبه الدائم للمصالح الإدارية والتربوية، وتغيير الهيكلة المركزية لعدة مرات متتالية وال\ي تسبب كثيرا في الارتباك عند أخذ القرارات والتناقض والالتباس.
وسجلت الورقة، والتي تقدم بها عدد من الأطر التربوية تناوبوا على منبر الخطابة بقاعة ابن بطوطة بطنجة، أن جميع الإصلاحات جعلت التعليم حقلا للتجارب مما انعكس سلبا على أجيال من المتعلمين بسب أن جميع الإصلاحات، غالبا، ما كانت تحت ضغط الإكراهات المالية أو الإملاءات الخارجية أو القضايا السياسية، علاوة على ضعف انخراط رجال التعليم لإنجاح هذه الإصلاحات.
أهداف وغايات لم تتحقق على أرض الواقع
وذهبت الورقة المقدمة من لدن أطر نساء ورجال التعليم المنتمين للحزب إلى أن غايات وأهداف استراتيجية إصلاح المنظومة التعليمية لم تتحقق في جميع الإصلاحات التي شهدها قطاع التربية والتكوين منذ 1955 وإلى الآن، منها غياب سياسة عمومية فيما يخص الترقي الاجتماعي والتوظيف تحمل المسؤوليات تعتمد على الكفاءة والشهادة، وذلك من أجل تشجيع المنافسة على التعليم بين الأفراد والأسر، كما غاب أيضا نظام تربوي يتغيا المساهمة في التنشئة الاجتماعية والفردية والجماعية والذي نجم عنه استفحال السلوكات غير المدنية في المجامع عامة وفي صفوف التلاميذ بصفة خاصة.
وسجلت الورقة ضرورة ربط التربية بالاقتصاد وتمكين المنظومة التربوية من وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن التدبير الموضوعي والعقلاني للسياسة اللغوية، وإعطاء الاعتبار للتعليم والمتعلمين خريجي نظام التربية والتكوين، وكذا تحقيق التدبير والتسيير في مختلف المستويات.
وخرج المجتمعون من خلال هذا اللقاء التأسيسي الجهوي، بمجموعة اقتراحات وتوصيات دعت في مجملها إلى إبداع طرق بديلة وفعالة لتحقيق التعبئة حول المدرسة وانخراط الأسرة التربوية في سيرورة الحياة المدرسية، وتنويع موارد تمويل المنظومة التربوية، وتسليم تدبير وتمويل وإحداث المؤسسات التعليمية للجماعات الترابية، ومراجعة بعض القوانين الخاصة بالوزارة الوصية..الخ.
وأعلن عزيز بنعزوز، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس قطب التنظيم الوطني، عن استكمال هيكلة قطاع التربية والتكوين التابع للحزب بعقد مؤتمر وطني، وعن تشكيل لجنة تحضيرية وطنية في بحر الأسبوعين المقبلين.